بيان
بيان وبعد
جماهير شعبنا الصامد
زملاؤنا وزميلاتنا الأحرار
على مدار 185 يوما مضت على العدوان الهمجي منذ السابع من أكتوبر الماضي، تعرض شعبنا في القطاع إلى إبادة شاملة مارست آلة الحرب الإحتلالية خلالها أبشع أنواع الجرائم ضد الإنسانية ضمن استراتيجيات ووسائل متعددة مارس الاحتلال من خلالها أساليب قهر وقتل أبناء شعبنا سواء من خلال القتل المباشر أو من خلال تدمير مقومات الحياة في القطاع المحاصر وممارسة تجويع السكان المدنيين وحرمان المرضى والجرحى من العلاج كأدوات فاعلة لاستكمال مسلسل الإبادة ومحاولة كسر إرادة شعبنا المقاوم والساعي للحرية في سياق دفاعه عن حقه في تقرير مصيره على أرض أجداده تجسيداً لنص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
وعلى الرغم من بحر الدماء الزكية التي سفكها المحتل على أرض غزة خلال عدوانه الهمجي وثقل ثمن الحرية إلا أن شعبنا الصامد في القطاع الأبي والضفة الثائرة ما زال قابضا على الجمر رمزاً للصمود والتحدي يجسد حلم أجياله القادمة بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وأن حتمية الحرية وجلاء الاحتلال عن أرضنا المقدسة هي حقيقة راسخة رسوخ الجبال لا تقبل المجادلة أو التشكيك. ومحطات شعبنا النضالية التي جسد ملامحها القادة الشهداء أبو عمار والياسين وأبو علي مصطفى والشقاقي وغيرهم من القادة العظام على درب الوحدة الوطنية لنيل الحرية ستزهر ربيعنا الفلسطيني القادم لا محالة.
وإذ تؤكد نقابة المحامين، أن الإبادة القائمة تحدث في ظل عجز وغطاء دولي فاضح كشف مجدداً زيف قيم الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان ورغم أن استقلال الشعوب هو حق أصيل لها تستمده اساساً من جملة من القيم الإنسانية والتي تمنحها حقها الطبيعي في تقرير المصير والسلامة والسيادة الوطنية والإقليمية والتي ترجمت لاحقاً إلى جملة من القرارات الأممية التي حصنت كفاح الشعوب من أجل استقلالها من السيطرة الإستعمارية لا سيما قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 33/24 الذي أسس على القرارات 70/2649، 2955/72، 3070/73 وكذلك إعلان الأمم المتحدة بشأن حق الشعوب الأصلية المعتمد من الجمعية العامة في 13 أيلول 2007.
ومع بداية هذا العدوان وبالتوازي المباشر معه اتخذت قوة الإحتلال العسكري سلسلة من الإجراءات العقابية الفورية في الضفة الغربية المحتلة تجسدت في تقطيع أواصل الطرق بين التجمعات الفلسطينية وتكثيف حملات الإعتقال والإغتيالات والإجتياحات، ولطبيعة هذا العدوان وجسامته على أبناء شعبنا في القطاع وما نتج بالتوازي معه من ظروف معقدة فرضتها قوة الإحتلال العسكري ميدانياً في الضفة الغربية انسجمت نقابة المحامين مع الحالة العامة من خلال جملة من القرارات والتدابير الإستثنائية بما فيها قرار تعليق العمل الجزئي.
ومع استمرار حرب الإبادة وضعت نقابة المحامين نصب عينيها أهمية اتخاذ جملة من التدابير والقرارات الإضطرارية الإضافية اللازمة لحماية حقوق المتقاضين تقوم على عدة اعتبارات جوهرية منها ضمان عدم المحاكمة أو الشطب لما له من آثار على أصل الحق وكذلك آثار اقتصادية على ملفات الزملاء المحامين، مع الأخذ بعين الإعتبار مدى إمكانية وصول المتقاضين أصحاب الحقوق المتنازع عليها إلى مرفق القضاء ضمن المتاح لا سيما في ظل الإدراك الواقعي بعدم قدرة المرفق القضائي على تفعيل العمل القضائي والإداري في المحاكم بشكله المنتظم الطبيعي والمعهود.
وبناءاً عليه ومن باب المسؤولية المهنية والوطنية انخرطت نقابة المحامين وعلى مدار الفترة الماضية في لقاءات متعددة وحوارات مكثفة مع مجلس القضاء الأعلى تم التناول خلالها كافة الجوانب المتعلقة بالعمل القضائي تحت قاعدة الشراكة والتعاون والتكامل في العمل وأهمية الأخذ بعين الإعتبار الظروف المعاشة وصعوبة التنقل بين المحافظات والمناطق بما يضمن حماية حقوق المتقاضين وحقهم في الوصول إلى العدالة وتجنب أية آثار سلبية قد تلحق بهم وبملفات الزملاء المحامين ناتجة عن الظروف الميدانية المعقدة. وقد نتج عن هذه اللقاءات جملة من التفاهمات عبرت عن تفهم القضاء للمخاوف والمحاذير التي أبدتها النقابة مراراً وتكرراً في السياق أعلاه ووفق الإحتياج الميداني المعقد المفروض والواجب مراعاته، وكذلك أيضاً أهمية اتخاذ الإدارة القضائية كافة الإجراءات العملية الداخلية بما ينسجم مع حق المتقاضين في الوصول إلى العدالة دون إبطاء أو تأخير، مع تأكيد الأطراف على أهمية الحفاظ على خط اتصال دائم ما بين النقابة ومجلس القضاء لتذليل أية عقبات قد تواجه الزملاء المحامين والمرفق القضائي بالمجمل.
وخلصت هذه التفاهمات إلى نتائج تؤكد على هذه الضوابط في سياق الحرص العام على حماية حقوق المتقاضين في ظل هذه الظروف وتؤسس إلى عهد جديد من العلاقة يقوم على هذه المفاهيم التكاملية والتشاركية والتي ندرك أهمية استمثارها في سياق خدمة المرفق العدلي مستقبلاً.
وبالتوازي مع ذلك حرصت النقابة أيضاً من خلال التواصل البناء مع رئاسة جهازي القضاء الإداري والعسكري على تحقيق تفاهمات تنسجم مع الظرف القائم وتأخذ بعين الإعتبار أهمية حماية حقوق المتقاضين وعدم ترتيب أية آثار سلبية قد تلحق بهم وبملفات الزملاء المحامين ناتجة عن الظروف الميدانية المعقدة.
وبناءاً على هذه التفاهمات، وإذ تعتز نقابة المحامين بمواقفها الوطنية الدائمة التي تنسجم مع تطلعات شعبنا وتضحياته، وتفتخر بجسارة الهيئة العامة لنقابة المحامين الفلسطينيين ووحدة موقفها في كافة القضايا الوطنية والمهنية، وإذ تعبر النقابة أيضاً عن فخرها واعتزازها بحملة المناصرة الدولية المشرفة التي قادتها ولا تزال تقودها النقابة حتى هذه اللحظة بأمانة وإقتدار وبشكل يليق بمكانة نقابة المحامين ودورها الطليعي في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، فقد قرر
مجلس النقابة الآتي:
أولاً: الإستمرار في التعاون والتنسيق مع اتحاد المحامين العرب وكافة المؤسسات الحقوقية الشريكة محلياً ودولياً في إطار حملات المناصرة الدولية الحقوقية المستمرة مع شعبنا وفي مسار المسائلة القانونية عن جرائم الإحتلال المرتكبة بحق شعبنا.
ثانياً: وعلى ضوء التفاهمات مع مجلس القضاء الأعلى والجهات القضائية الشريكة والمنسجمة مع الحالة الإستثنائية المعاشة والتي تراعي حماية حقوق المتقاضين والزملاء المحامين حال عدم التمكن من الحضور في هذه الظروف الإستثنائية لا سيما عند احتياج التنقل بين المحافظات، دعوة الزملاء المحامين لإعادة الإنتظام في حضور جلسات القضايا والدعاوى المنظورة أمام المحاكم اعتباراً من يوم الأحد الموافق 14/4/2024 ضمن أولوية العمل داخل المحافظات، مع ضرورة تعاون الزملاء فيما بينهم بعدم طلب إجراء المحاكمة أو الشطب في ظل هذه الظروف والتماس المعذرة المشروعة لزملائهم وخاصة من خارج المحافظات أو داخل المحافظات التي تتعرض للاجتياح والعدوان.
ثالثاً: يبقى مجلس النقابة في حالة إنعقاد دائم لتذليل أية عقبات تنتج عن هذه العودة في إطار خط الإتصال المباشر مع مجلس القضاء الأعلى وكافة الجهات الشريكة ذات العلاقة.
حمى الله شعبنا،
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
الشفاء العاجل لجرحانا
الحرية لأسرى الحرية
تحريراً في 8 أبريل نيسان، 2024
مجلس نقابة المحامين